بودكاستموسم برامج شهر 5-2025
اضطراب الشخصية الهيستيرية, الحلقة الأولى من برنامج ضيف “معركة خفية”, سمية أيمن

اضطراب الشخصية الهيستيرية
الحلقة الأولى من برنامج ضيف “معركة خفية”, سمية أيمن
للاستماع إلى حلقة اضطراب الشخصية الهستيرية
عرض هذا المنشور على Instagram
هوس جذب الانتباه … خلل نفسي ولا أسلوب حياة ؟
الشخصية الهستيرية : تعريفها وأعراضها وعلاجها
الشخصية الهستيرية (المعروفة أيضًا باضطراب الشخصية التمثيلي) هي نوع من اضطرابات الشخصية الدرامية. يتميز المصاب بها بالانفعالات القوية المبالغ فيها وبسعي مستمر لأن يكون محور اهتمام الآخرين . تظهر علامات هذا الاضطراب عادة في المراهقة أو أوائل سنّ الشباب (18-25)، وهو أكثر شيوعًا بين النساء منه بين الرجال . يميل الشخص الهستيري إلى تكوين صورة ذاتية ضعيفة واعتماد تقديره لذاته على اهتمام الناس وإعجابهم .
الأعراض السلوكية والنفسية
تتجلى أعراض الشخصية الهستيرية في سلوك درامي ومسرحي يسعى لجذب الانتباه. من أبرز هذه الأعراض:
•الميل المستمر لأن يكون محور اهتمام الآخرين والشعور بالضيق إذا غاب التركيز عليه .
•التعبير المبالغ فيه عن المشاعر والانفعالات بشكل سريع ودرامي .
•استخدام وسائل إغراء أو سلوك استفزازي (مثل لباس أو إيماءات ملفتة) لجذب الانتباه . مثال حقيقي : يروي استشاري نفسي بأن احدي المصابين باضطراب الشخصية الهستيرية حضرت الجلسة النفسية بثياب يشبه ثياب الحفلات والنوادي الليلية (غير مناسب لحضور جلسات نفسية وهذا نوع من أنواع لفت الانتباه).
•تقلبات عاطفية سريعة وسطحية بحيث تتغير المشاعر بتكرار دون عمق .
•الانشغال المفرط بالمظهر الخارجي والمظهر العام .
•صعوبة في إقامة علاقات مستقرّة وعميقة؛ فغالبًا ما تكون العلاقات شخصية وضيّقة عمقها وسرعان ما تنتهي . الشخصيات الهستيرية يشعرون بالملل سريعاً وباستمرار.
•الحساسية المفرطة للنقد، حيث يشعر بالإهانة الشديدة لأي انتقاد أو رفض .
قد يظهر المصاب أيضًا سلوك تسرعي أو متهور أحيانًا، وقد يلجأ في حالات قليلة إلى تهديدات بالانتحار لجذب اهتمام الآخرين . يجدر التنبيه إلى أنّ الشخص الهستيري عادةً ما يبدو اجتماعيًا ومهذبًا ولكنه يستخدم تواصله الاجتماعي لإدارة الآخرين والسيطرة على انتباههم .
الأسباب والعوامل المساهمة
لا يوجد سبب محدد واحد لظهور الشخصية الهستيرية، بل يُرجح أن مجموعة من العوامل النفسية والوراثية والبيئية تساهم في تطورها . من هذه العوامل:
•عوامل وراثية وجينية: تميل السمات الهستيرية إلى الانتشار في بعض العائلات، مما يشير إلى أن للتاريخ العائلي (وراثة الصفات) دورًا في زيادة الاستعداد للإصابة بها . كما قد يتعلّم الطفل سلوكيات مماثلة عبر تقليده لأحد الوالدين المصاب بهذا الاضطراب.
•تجارب الطفولة: يمكن أن تسهم صدمات الطفولة في التكوين النفسي لهذه الشخصية؛ فعلى سبيل المثال، قد تزيد إساءة المعاملة أو الحرمان العاطفي أو أحداث فقدان مبكر من احتمال تطور سمات هستيرية لاحقًا .
•أنماط التربية: قد يكون نقص الحدود الواضحة والمبالغة في تدليل الطفل من العوامل المحفزة لهذا الاضطراب . فالأطفال الذين يتلقون اهتمامًا متقطعًا وغير متوقع أو مكافآت فقط عندما يظهرون سلوكًا معينًا قد يميلون إلى السعي المستمر لشد انتباه الآخرين .
•العوامل النفسية الشخصية: تسهم طبيعة الشخصية الفردية في التطور الهستيري؛ فمن السمات الأساسية الفردية في الشخص الهستيري الحاجة الكبيرة للاعتراف من الآخرين، وعدم القدرة على تنظيم انفعالاته، والرغبة في الإعجاب .
•العوامل الثقافية والاجتماعية: قد تلعب المعايير الاجتماعية دورًا في تقوية السلوك الهستيري؛ فالمجتمعات التي تشجع على التعبير المفرط عن المشاعر أو تضع قيمة عالية على المظهر الخارجي قد تحفز هذا النمط من الشخصية . مثال: قصت احدي المصابات باضطراب الشخصية الهستيرية بأن أباها كان يعمل كرجل أعمال ودائما ما يأخذها هي وأختها معه في السهارات ونحوها ليتباهي بهم أمام الناس وكانت الأم تشترك لبناتها في مسابقات ملكات الجمال مما أدي أن الفتاة نشأ معتقد عندها أن الأنثي هي عبارة عن جمال خارجي.
التشخيص والتمييز
يعتمد تشخيص الشخصية الهستيرية على مقابلة الطبيب النفسي وتقييم الأعراض والسلوك الشخصي. ولا يوجد اختبار مخبري محدد؛ بل يتم الفحص البدني أولًا لاستبعاد أي أسباب عضوية، ثم يتم إجراء تقييم نفسي شامل وفق معايير الدليل التشخيصي والإحصائي DSM-5 . يشترط في التشخيص ظهور نمط دائم من السلوكيات يضم خمس خصائص أو أكثر من السمات المحددة، مثل الشعور بالضيق إذا لم يكن مركز الاهتمام والتصرف بطرق درامية واستفزازية وغيرها . وغالبًا ما يتم التشخيص في عمر متأخر عن 18 عامًا، لأن الشخصية لا تستقر بشكل نهائي قبل ذلك العمر .
ينبغي التمييز بين الشخصية الهستيرية واضطرابات شخصية أخرى، خاصة ضمن المجموعة الدرامية. على سبيل المثال:
•الاضطراب النرجسي: يحاول المصاب بالنرجسية تعزيز شعوره بالتفوّق ويتوقع الإعجاب وفق قيمة ذاته المبالغ فيها، بينما يسعى الشخص الهستيري بشكل عام إلى أي نوع من الانتباه دون الحاجة إلى الإعجاب بذاته بحد ذاته .
•الاضطراب الحدّي: يتميز المصاب بالحدّي بمخاوف شديدة من الهجر وبانفعالات أقل تفاؤلًا وقد يظهر سلوكيات انتحارية أكثر، بينما الشخصية الهستيرية تقلق من فقدان الاهتمام لكنها تختبر انفعالات درامية أكثر مع شعور أقل بالذنب .
قد يطلب الطبيب من أفراد الأسرة والأصدقاء الإدلاء بملاحظاتهم على سلوك المريض، لأن المصاب قد لا يعي كاملًا تأثير تصرفاته . ومعرفة هذه التفاصيل تساعد في استبعاد اضطرابات أخرى والتأكد من تشخيص الشخصية الهستيرية بدقة.
الأساليب العلاجية والدعم
يركّز علاج الشخصية الهستيرية على العلاج النفسي (الكلامي) باعتباره الأساس. يهدف العلاج بالكلام إلى مساعدة المريض على فهم دوافعه العاطفية غير الواعية، وتحسين مهاراته في العلاقات، وتنظيم عواطفه وتقليل الأعراض الدرامية . وتشمل طرق العلاج النفسي الفعّالة العلاج المعرفي-السلوكي الذي يعالج الأفكار السلبية والأنماط السلوكية، والعلاج النفسي الديناميكي الذي يبحث في جذور الصدمات والخبرات السابقة. أما المجموعات العلاجية فهي ليست الخيار الأول عادةً، وقد يرى بعض الأطباء أن حضور المريض لجلسات جماعية مع آخرين مماثلين يمكن أن يساعده على رؤية سلوكياته بشكل أفضل ، لكن يجب توخي الحذر لئلا تُضخّم فيها سلوكيات البحث عن الاهتمام بشكل غير صحي .
بالإضافة إلى العلاج النفسي، العلاج الدوائي لا يستهدف الشخصية بحد ذاتها، ولكن يمكن استخدام بعض الأدوية لمعالجة الأعراض المصاحبة كالاكتئاب والقلق . مثلاً، يُمكن وصف مضادات الاكتئاب أو مهدئات خفيفة إذا كان المريض يعاني من اضطرابات مصاحبة تؤثر على مسار العلاج.
يلعب الدعم الأسري والاجتماعي دورًا مهماً أيضًا. قد يجمع الأطباء معلومات من أفراد عائلة المريض لمساعدتهم في عملية التشخيص . ومع أن العلاج الأسري الموجه يندر استخدامه بسبب احتمال تحفيز السلوك الاستعراضي ، فإن توفير بيئة أسرية متفهمة ومستقرة يساعد المريض على تطبيق مهاراته العلاجية بحساسية. فعلى العائلة أن تقدم مزيجًا من الدعم والتشجيع، دون تدليل مفرط أو نقد لاذع، ومساعدة المريض على تنظيم حياته (مثل الحفاظ على روتين منتظم للنوم والطعام وممارسة الرياضة) .
باختصار، علاج الشخصية الهستيرية يعتمد بشكل أساسي على المصاب نفسه؛ فإذا تعرّف على حاجاته النفسيّة وراء لفت الانتباه، وتلقى دعمًا نفسيًا مناسبًا، يمكن أن يتحسن وضعه مع مرور الوقت. قد يستغرق العلاج فترة طويلة بسبب طبيعته الدرامية ومقاومته للعلاج الروتيني، لكن الفهم الصحي والدعم المستمر من الأهل والمعالجين يزيد فرص نجاح الخطة العلاجية .
المراجع والمصادر العلمية
1. الجمعية الأمريكية للطب النفسي. DSM-5 – الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية.
2. موقع الطبي: https://www.altibbi.com
3. WebMD: https://www.webmd.com/mental-health/histrionic-personality-disorder
4. Cleveland Clinic: https://my.clevelandclinic.org
5. HealthDirect Australia: https://www.healthdirect.gov.au/histrionic-personality-disorder
6. Verywell Mind: https://www.verywellmind.com
7. NHS UK: https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/personality-disorder/
8. MedlinePlus: https://medlineplus.gov